فى كوم الدكة، اسكندرية

رجلى خدتنى لكوم الدكة، طلعت السلالم وكالعادة كل مرة بتلاقى نفسك فى عالم تانى مختلف جدا عن الصخب والصراع الثقافى لشارع فؤاد الجميل اللى بيحاول انه ما يفقدش هويته. فى حين ان عالم كوم الدكة مازال ناجح انه يحافظ على جذوره وعلى روحه المتجددة بدون ابتزال و بهرجه او نظريات وشعارات. جوة ليل كوم الدكة الهادئ اول حاجة هاتشوفها الانوار البسيطة الصفراء و البيضاء او الملونة، مرصوصين معآ فى انسجام من غير ما حد يحاول ياخد الضوء من جاره. زى ما يكون الناس هناك لسة عارفين انهم عايشين كلهم مع بعض فى كيان واحد من غير ما يتأثروا بروح الرأسمالية والفردية خارج عالمهم. لسة تأثير تخطيط الحى او القرية الصغيرة قادر انه يشكل ويأثر ايجابيا فى حياة الناس
الجو حر والرطوبة عالية جدا كالعادة فى صيف سكندرى. عشان كدة الناس كلها قاعدة برة على الكراسى. اللى قاعد قدام بيته مع اهله واللى قدام محله مع صحابه او اللى قاعدين على القهوة بيدردشوا. المهم بخرج من الفكرة اللى فى دماغى دى على صوت عبد الحليم وكأن الزمن وقف فجأة. الصوت طالع من كل مكان. المحلات والبيوت القهاوى كلاها بلا استثناء فاتحة الراديو على اغنية جواب للعندليب وكل اللى فالشارع بيغنوا معاه، كأنهم فى حفل مباشر وعبد الحليم على المسرح
بس اللى شدنى اكتر رجل فالخمسين من عمره لابس بنطلون قماش وعليه فانلة حمالات داخلية وشبشب. كان قاعد على قهوة سيد درويش بيغنى مع حليم بصوت جميل واداء مسرحى مبهج والناس كلها بتسمعه وبتتفرج عليه باهتمام واستمتاع فى جو عام من السلام والبهجة والايجابية المعدية
دا كان جزء صغير و سريع جدا من حياة ناس رغم الضغوط لسة قادرة انها تستمع بالحياه والاهم واللى احنا فقدناه فى مجتمعنا؛ …انها لسة قادرة تعيش مع بعض